أعتز جدا عندما أقول أعرف عبدالوهاب مطاوع ولا يعرفه أحد 🙂 لماذا هذا الاحساس لا أعرف، ربما لأنني أعرف تماما انني اقلد الآخرين في قراءتي، لأن قراءتي قليلة أحاول انتهاز الفرصة في القراءة لمفيد فقط، نادرة هي الكتب التي قرأتها بلا ترشيح. أما أن أتوصل وبنفس إلى كاتبي الخاص ( ولي كتابي) فهذا عنى لي الكثير.
عرفت عبدالوهاب مطاوع في أول مرة قبل ٨ او ٧ سنين تقريبا، بالصدفة عبر تصفحي الفيسبوك، أتت رسائله ومقالته في مواجهتي دائما، كانت صاحبة الصفحة تضع نص المشكلة في الفيس، ثم ترفق رابط بالمقالة كاملة المشكلة والحل-هنا رابط صفحة بها بعض من مقالاته-. عندما قرأت معاناة أبطال قصصه ذهلت. لماذا أقول ذهلت!! لأنني لم أتعرف على معاناة الآخرين بهذه الشفافية، لقد كانوا أبطال قهرتم الحياة باختلاف طبقاتهم وهم يطلبون منه نصيحة أو وصية تعينهم على إكمال الحياة، كانوا يسردون معاناتهم وتضحياتهم في العيش والزواج والتربية، قصصهم رائعة عن النضال والعيش. لم يكونوا مثاليين، لكن كانوا صادقين.
كنت قبلها أتصفح الانترنت هاهنا وهاهناك. لا تلفتني قصص الحياة الحقيقة، كلها مثالية أو سطحية. قد تسمع امرأة تشكوا صعوبة حياتها لأنها تريد الترفيه مثلا او المال. مشاكل البنات مع ازواج من النوع الذي يتأخر أو مهمل أو أو …الخ، ربما قصص عن معاناة البعض مع زوجات أبيهم مع تصرفات أبناء عمومتهم وهكذا. أنا لا أحاول الاستنقاص من الآخرين. انها معاناة صعبة، لكنها قصص حزينة بأفق ضيق.
حتى القصص التي كانت في تلك الايام منتشرة، قصص المنتديات أو الروايات الخليجية، كانت سخيفة ، حالمة نعم، تجرك لتقرأ للنهاية لكنها ماتزال سطحية، عبدالوهاب مطاوع كان بديعا، وكانت ردوده دائما خليطا من الحكمة الدينية الاسلامية، الشعراء، والثقافة الغربية والكتاب المخضرمين. لذلك أتت حكمته من الحياة أيضا.
أتسابق في معرض الكتاب على كتبه، لم أجدها إلا هناك، ووجدت كتابا واحدا مرة من المرات في جرير. عندما اقرأ لعبدالوهاب يكون في داخلي فرغ بشكل معين، أقرأ له ثم أقرأ له حتى يمتلئ هذا الفراغ ثم اترك كل كتاباته وأنشغل بأشياء اخرى، ثم احتاجه ثم اكتفي وهكذا.
من هو عبالوهاب مطاوع في سطور لمن لا يعرفه، هو كاتب مصري توفي عام ٢٠٠٤ ( أنا عرفته بعد ذلك بسبب صفحة الفيس وليس قبل مع الاسف) كان لديه عمود في جريدة الأهرامات باسم بريد الجمعة يكتب إليه الناس بمشاكلهم ويتخير هو الرسائل الأفضل للنشر ثم ينشرها. بعد ذلك قام بتحويل هذه المقالات إلى كتب.
كتب ونشر ٥٢ كتاب- حسب احصائيات ويكيبيديا– كانت من ضمنها كتب بريد الجمعة، قصص قصيرة، مقالات في الأدب.
من الأشياء الجميلة في مشاركات الأشخاص، انهم احيانا يكتبوا مشاكلهم ثم بعد فترة يرسلوا بالمستجد واللي حصل معاهم ، ثم يشير عليهم برأي آخر ، أو يشكرهم. بمعنى بعض القصص والاستشارات تكون بأجزاء او يناقش فيها عدة أشخاص. اتذكر مرة من المرات أرسلت الزوجة رسالة تشكو زوجها ثم بعد مدة ارسل زوجها رسالة ينعيها! ما أنسى هالرسالة ابدا، يقول عبدالوهاب مطاوع: “أتذكر أيضا قصة الزوجة الشابة التى كَتبت لى تشكو من زوجها الذى ” يُعايرها ” دائما بأنفها الكبير, ولا يناديها إلا ب ” أم منخار” رغم بكائها وتوسلها إليه أن يعفيها من هذا النداء الذى يجرح مشاعرها كزوجة وأم وشريكة حياة مخلصة مُحبة , فلا يكف عن ذلك…حتى طالبته فجأة بالطلاق.
وتتولى الزوج دهشة طاغية فيسألها بإستنكار:
الطلاق ؟ لماذا.. هل ضربتك بسكين؟
فلا تفيد معه دموعها ولا محاولتها لإقناعه بأنه يؤلم مشاعرها بهذا العبث أكثر مما يؤلمها جرح السكين وتناشدني فى رسالتها أن أوضح له ذلك.. فأنهال عليه لوماً وأطلبه بإحترام مشاعر زوجته وتجنب إيلامها بهذه العبارة السخيفة , حتى ولو كانت من باب المداعبة ما دامت تتألم لها.
ويبتسم القراء حين يقرأون رسالة هذه الزوجة .. ثم لا يلبثون بعد أقل من عامين أن ” يمصمصوا ” الشفاه أسفا عليها حين يكتب لى زوجها رسالة أخرى ينعى إلى فيها زوجته الطيبة المخلصة هذه بعد مرضِ لم يطل سوى أسابيع ويتذكر بحسرة مؤلمة كيف كانت ” أجمل ” النساء وأكثرهن إخلاصاً لزوجها و بيتها و أطفالها… و يلوم نفسه – حيث لا ينفع اللوم – على أنه كثيرا ما جرح مشاعرها بتلك العبارة السخيفة , وهو لا يدرى أنها سوف تغيب عن حياته بعد اقل من عامين وتترك وراءها صغاراً حائرين .. وزوجا حزيناً ! فأرد على رسالته الحزينة بمواساته متجنبا تذكيره بما ألم به زوجته طويلا , لأنه يتذكره جيدا و يندم عليه .. و لكن بعد فوات الأوان.”